التطرق على قضية الحداثة في الشعر العربي المعاصر = Al-tatarruq 'ala qadiyah al-hadathah fi-al-shi'ir al-'arabi al-mu'asir
لا تخفى مكانة الشعر العربي من علوم اللغة العربية والشريعة فهو شاهد القرآن الكريم على عجز العرب عن أن يأتوا بما يضاهي القرآن بلاغة وفصاحة. وقد مر في رحلته بمراحل رُقّي وانحطاط بحسب أحوال أهله والأمة الإسلامية؛ ووجهت إليه سهام الطعن ومحاولات التزييف خاصة في العصر الحديث. فردد طه حسين مقولة المستشرقين...
Saved in:
Main Authors: | , |
---|---|
Format: | Article |
Language: | English |
Published: |
2010
|
Subjects: | |
Online Access: | http://irep.iium.edu.my/7779/1/ULUM_INSANIA-_ATTARUQ_ALA_QADIYATIL_HADATHAH.pdf http://irep.iium.edu.my/7779/ |
Tags: |
Add Tag
No Tags, Be the first to tag this record!
|
Summary: | لا تخفى مكانة الشعر العربي من علوم اللغة العربية والشريعة فهو شاهد القرآن الكريم على عجز العرب عن أن يأتوا بما يضاهي القرآن بلاغة وفصاحة. وقد مر في رحلته بمراحل رُقّي وانحطاط بحسب أحوال أهله والأمة الإسلامية؛ ووجهت إليه سهام الطعن ومحاولات التزييف خاصة في العصر الحديث. فردد طه حسين مقولة المستشرقين بوضع الشعر الجاهلي وبعث فيها الحياة بعد موت؛ وتتداعى المتفرنجون على تجديد الشعر العربي في أصوله وتقاليده على مِنوال الشعر الأوروبي الإنجليزي والفرنسي حتى نجم ما يسمى بقصيدة التفعيلة. ثم ظهر اتجاه عارم يروم تغيير الحياة العربية كلها متوسلا بتغيير الأدب، والشعر، ومادَتِهِ اللغةِ. ذلك الاتجاه هو الحداثة. فحاول البحث الوقوف على حقيقتها، وكيفية تنظيرها للشعر العربي المعاصر، والتعرف على مدى صحة ذلك التنظير وسلامته متبعا المنهج التحليلي النقدي.
فهذا البحث الموسوم بـِ (نقد تنظير الحداثة للشعر العربي المعاصر) عُني بدراسة التنظير الحداثي للشعر، وبنقد ذلك التنظير؛ وعني أيضا بنقد موقف الحداثيين من الحضارة الإسلامية.
جاء البحث في تمهيد وسبعة مباحث. قدمت في التمهيد لمحة سريعة لرحلة الشعر العربي حتى العصر الحديث وظهور الحداثة. وفي البحث الأول عرفت بالحداثة على سبيل الاختصار مركزا على حقيقتها الفلسفية الشمولية. وفي المبحث الثاني ذكرت أهم الأصول الفلسفية للحداثة التي تنبني عليها بقية مجالاتها. وتلك الأصول هي:
1. إلغاء المرجعية الدينية ونزع قداستها.
2. الإنسان الفرد هو المبدأ والمآل، منه تصدر المعرفة وبه تُعنى.
3. ليس فيها شيء ثابت سوى البحث والتساؤل.
4. تصدر عن قيمة مهيمنة على وعي العصر وتُوَجَّهُهُ.
5. الاتصال الكامل بالآخر.
أما المبحث الثالث فناقشت فيه التنظير الحداثي للشعر فبدأت بذكر السبب الذي من أجله توسل أهل الحداثة بالشعر لتغيير المجتمع، ثم ناقشت مبدأين لهم يقدمونهما أمام تنظيرهم للشعر، وهما فصل الحداثة من الزمن، وربطها بالإبداع. وقد اشتمل هذا المبحث بدوره على ستة مطالب. عرض الأول لطبيعة الشعر عند الحداثيين فإذا هو نبوءة ورؤيا مما أعطى الشاعر سلطة مطلقة على اللغة؛ واستعرض المطلب الثاني وظيفة الشعر عندهم فإذا هي تقديم تفسير للكون، وتفكيك البنية الثقافية العربية القديمة التي تتناقض مع الثورة، وفتح آفاق جديدة تتيح نشوء البنية الثقافية الثورية الجديدة؛ ودرس المطلب الثالث طبيعة القصيدة فإذا هي بنية إيقاعية خاصة ترتبط بحالة شعورية معينة لشاعر بذاته فتعكس هذه الحالة لا في صورتها المهوشة... بل في صورة منسقة تنسيقاً خاصا بها، من شأنه أن يساعد الآخرين على الالتقاء بها وتنسيق مشاعرهم المهوشة وفقا لنسقها؛ ثم وقف المطلب الرابع على تعريفهم للقافية فإذا هي( التنسيق الموسيقي لآخر السطر الشعري بما يتمشى وموسيقى السطر ذاتها) ,أو (أنسب صوت أو كلمة ينتهي بها السطر الشعري بحيث يمكن الوقوف عندها والانتقال إلى السطر التالي)، أو ( نهاية موسيقية للسطر الشعري هي انسب نهاية لهذا السطر من الناحية الإيقاعية) , أو ( إنها النهاية التي ترتاح إليها النفس في ذلك الموضع). وكل هذا كلام لا معنى تحته؛ وأما المطلب الخامس فناقش خصائص القصيدة الحداثية، ومن هذه الخصائص أنها استبدلت التشكيل المكاني للكلمات، وعلامات الترقيم بالنحو، وليس لها من غرض سوى تأكيد حرية الإنسان، ولا تشير لغتها إلى معنى محدد؛ ثم ناقش المطلب السادس ظاهرة الغموض في الكتابة الحداثية فإذا هي موقف عقدي مضاد للبيان في الشعر العربي.
أما المبحث الرابع فناقش موقف الحداثة من اللغة فبدأته بتعريف ابن جني لها، وثنيت بذكر فضل العربية وخاصيتها الشعرية، وأن الشعر بوزنه وقافيته لم يغير من طبيعتها شيئا بل جلَّى قدرتها البيانية ، وأتبعت هذا بحقيقة تغير اللغة إلا أن العربية محفوظة بالقرآن، ثم ناقشت تصورهم بشأن إيجاد اللغة ودور الشاعر في ذلك، وموقفهم من الفصحى، وختمته بمثال على لغة أدونيس استشهد به الدكتور الناقد عز الدين إسماعيل.
وأما المبحث الخامس فوقف على موقف الحداثة من الحضارة الإسلامية فكشف خدعتهم بتسميتها بالتراث. وذلك ليتصرفوا فيها كيفما شاؤوا؛ وبيّن كيف خلطوا بين الحضارة الإسلامية والتاريخ الإسلامي تحت مصطلح التراث.
وأما المبحث السادس فكشف حقيقة استيراد الحداثة من أوروبا، فربط بينها وبين احتلال بريطانيا وفرنسا للعالم العربي، ومشروع مارشال، واستشهدت بكلام كبير الحداثيين على أن حداثتهم مستوردة، وختمته بذكر أثر إليوت في شعر الحداثة.
تمهيد:
فانحدر الشعر العربي من عصور موغلة في التاريخ حتى وصل إلى عرب الجاهلية قبل الإسلام بقرون معدودات وهو نسج فني في غاية الجودة . ثم كان الإسلام بكتابه المعجز ، فتغيرت أساليب الشعر نوع تغير لم يظهر بَدِيّاً إلا في العصر الأموي . ثم جاء العصر العباسي فلانت قناة الفصحى في نفوس العرب باختلاط الشعوب المسلمة اختلاطا شديدا، فتغيرت مرة أخرى أساليب الشعر نوع تغير حتى ظهر جليا في النزعة البديعية عند أبي تمام . فأذكى شعره ومعارضه في الطريقة شعر البحتري حركة نقدية أثمرت كتاب الموازنة للآمدي( ) ونظرية عمود الشعر للمرزوقي( ). وكان الشعر الأموي أوجد قبل قضية القديم والمحدث عند أبي عمرو بن العلاء( )، والفحولة عند الأصمعي( )، والطبقات عند ابن سلام( )، ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس( )، كل ذلك والشعر العربي هو الشعر العربي بتقاليده الفنية الرفيعة، وأصوله الشعرية الراسخة.
ثم دُهِيَ العالم الإسلامي بالاحتلال الصليبي للقدس وبلاد الشام( )، ثم بكائنة التتار وسقوط بغداد( )، وقد تولى القيادة في تلك الأزمنة العجاف السلاجقة الأتراك، والأكراد، والجراكسة المماليك، وهم لا شأن لهم بالشعر إنما هم أصحاب سيف وخيل – وهذا ما تقتضيه المرحلة – فضرب على الشعر العربي بباب من الجمود ظهر في الألغاز الشعرية وفن البديعيات حتى كانت حركة الإحياء( )، على يد محمود سامي البارودي – رحمه الله – فاستحيا روائع من الشعر العربي خاصة العباسي منه، وعارض بعضها، وتمثل معاني بعض، ثم بلغ الشوط مداه على يد أحمد شوقي أمير الشعراء – رحمه الله.
غير أنه نبتت في تلك الأيام في ظل الاحتلال الصليبي الحديث نابتة تدير وجهها نحو الشمال إلى بلاد اللاتين والسكسون تستورد مبادئ نقدهم، وأنواع أدبهم، وأشكال شعرهم، فثار صاحبا الديوان على الشعر العربي، متمثلا في شعر شوقي، ودعوا إلى أصول نقدية إنجليزية إمامهم فيها هو هازلت، وأرادا لديوانهما أن يكون ( إقامة حد بين عهدين لم يبق ما يسوّغ اتصالهما والاختلاط بينهما) ( ) ، ثم فرض النقد الانجليزي على طلاب كلية الآداب والأدب العربي سنة (1929) ببركة أحمد أمين( )، ثم جاءت سنة (1947) بما سُمي الشعر الحر وشعر التفعيلة؛ ثم بعدها بعشر سنوات(1957) ظهرت مجلة شعر تُنَظِّرُ للحداثة؛ ثم خلفتها سنة(1969) مجلة مواقف برئاسة علي أحمد سعيد الملقب بأدونيس وذلك بعد ثماني سنوات من مؤتمر روما عن الأدب العربي المعاصر الذي كان بإدارة المستشرقين وتمويل المخابرات
|
---|