علم مقارنة الأديان من منظور إسلاميّ المفهوم والمنهج ('Ilm muqaranah al-adyan min manzur Islami: al-mafhum wa al-manhaj)
نعيش اليوم في قرية كونيّة تتفاعل فيها المجتمعات البشريّة بشكل لم يعد للحدود الجغرافيّة دور تقليديّ في تحديد الهويّة الفكريّة والثقافيّة للفرد. هذا التفاعل يتمّ عبر مستويات متباينة لكنها متداخلة في الوقت نفسه، كالتّجارة والاقتصاد، والثّقافة والتّعليم، أو التكنولوجيا ووسائل الإعلام، أو الدبلوماسيّة وا...
Saved in:
Main Author: | |
---|---|
Format: | Book |
Language: | English English |
Published: |
IIUM Press
2012
|
Subjects: | |
Online Access: | http://irep.iium.edu.my/24059/1/%D8%B9%D9%84%D9%85_%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%86%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86_%D9%85%D9%86_%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1_%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%91.pdf http://irep.iium.edu.my/24059/4/%27ilm_muqaranah_al-adyan_min.pdf http://irep.iium.edu.my/24059/ |
Tags: |
Add Tag
No Tags, Be the first to tag this record!
|
Summary: | نعيش اليوم في قرية كونيّة تتفاعل فيها المجتمعات البشريّة بشكل لم يعد للحدود الجغرافيّة دور تقليديّ في تحديد الهويّة الفكريّة والثقافيّة للفرد. هذا التفاعل يتمّ عبر مستويات متباينة لكنها متداخلة في الوقت نفسه، كالتّجارة والاقتصاد، والثّقافة والتّعليم، أو التكنولوجيا ووسائل الإعلام، أو الدبلوماسيّة والسّياسة، بشكل آنيّ من حيث الزمن، وبشكل محليّ من حيث المكان، مما جعل العالم أشبه بجزيرة يعيش فيها مجتمع واحد متعدد الأعراق والأجناس لكنه ذو مصالح مشتركة. وفي هذا العصر، عصر ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، صار التّفاهم المشترك والتّعايش السلميّ بين شعوب القرية الكونيّة أمراً في غاية الأهميّة، ليس فقط ليعيش الكل فيها بسلام وأمان، بل الوجود البشريّ بأكمله. لكننا نؤكد ما أشار إليه الكاتب اللاهوتيّ المسيحيّ هانز كونغ (Hans Kung)، وهو: أنه لا سلام بين شعوب العالم دون الحصول على تفاهم سلميّ بين الأديان، ولا تفاهم سلميّ مشترك بين الأديان دون حوار فكريّ ومعرفيّ بين الأديان، ولا حوار بين الأديان دون دراسة أصول الأديان ومعتقداتها المعرفيّة والفكريّة:
“No peace among the nations without peace among the religions, no peace among the religions without dialogue between the religions, no dialogue between the religions without investigation of the foundations of the religions.”
وهذا ما أكده آخرون في مجال الدّين المقارن، أمثال الأستاذ عرفان عبد الحميد (ت:2007م)، رحمة الله عليه، بقوله: "أما نحن في عالم اليوم وظروف الوضع الدّوليّ الراهن، عصر ثورة المعلومات ووسائل الاتصال، ودعاوي العولمة والكوننة (Globalization)، فإن احتياجنا إلى معرفة علميّة رصينة ودقيقة، وصفيّة وموضوعيّة، محايدة وتاريخيّة، بخصائص الأديان السماويّة وغير السماويّة، وتفاصيل تواريخها ومرتكزات عقائدها، أشدّ من أيّ وقت مضى وأحوج ما نكون إليه."
ومع أننا نذهب إلى المواقفة على كلام هانز كونغ وعلى ما ذكره الأستاذ عرفان عبد الحميد حول ضرورة دراسة الأديان والمعتقدات من أجل الحصول على تفاهم سلميّ مشترك بين الشعوب، لما للدّين من دور محوريّ في صياغة التصورات الفكريّة وأنماط الحياة في كثيرٍ من المجتمعات البشريّة، ولما للدين أيضاً من دور حاسم وفاعل في تشكيل معالم الحياة المعاصرة؛ إلا أن هناك أسئلة تدور في خلدنا، وهي: كيف ندرس الدّين؟ وهل بإمكاننا دراسة الدّين بشكل موضوعيّ؟ وإذا كان بإمكاننا أن ندرس الدّين، فما هي المقاربة المنهجيّة التي نتّبعها؟ وما المناهج التي توظّف لدراسة الدّين؟ وما المعايير المعرفيّة والفكريّة التي نتحكّم إليها في دراستنا للدّين؟ في هذا البحث نحاول أن نجيب على الأقل عن بعض الأسئلة المتعلقة بكيفيّة دراسة الدّين، وماهيّة المقاربات المنهجيّة لدراسة الدّين التي بيدنا حتى الآن، من خلال استعراض مفاهيم علم الدّين المقارن وطرائقه الفكريّة والمعرفيّة، مع مقارنة الاتجاهات الفكريّة والمعرفيّة التي تناولت الموضوع بالدّراسة على مرّ العصور، دون عرض طويل ولا ممل؛ إذ القصد من تأليفه هو تبسيط هذه المسائل للمتعلم المبتدئ، وتمكينه من معرفة مداخل أوليّة مفاهيميّة ومصطلحيّة تتعلق بمجال دراسة الأديان. ولذلك لم نورد فيه التفاصيل التاريخيّة أو اللّاهوتيّة والفلسفيّة الواردة في الكتب المطولة لأهل العلم عن هذا الموضوع.
وإلى جانب المقدمة، يأتي التّمهيد الذي تضمن تعريفاً موجزاً لأهم مراجع هذه الدراسة. وقد قسمنا البحث إلى فصول ثمانيّة، تناول الفصل الأول منها، إمكانيّة دراسة الأديان ومدى موضوعيّة الدّرس المقارن للدّين، وتناول الفصل الثاني، مفهوم علم الدين المقارن، بشقّيه اللغويّ والاصطلاحيّ، ثم تاريخ نشأته وتطوره؛ وأما الفصل الثالث، فقد ناقش مسألة تحديد مفهوم موضوع علم الدّين المقارن (الدين) وطبيعته بين مؤرخة الأديان. وقد حوى الفصل الرابع تحليلاً مختصراً لأهم الاتجاهات الفكريّة والمعرفيّة لدراسة الدّين المقارن، عبر دراسة مسحيّة تاريخيّة تضمنت تحليلات تصنيفيّة لدارسي الفكر الدينيّ قديماً وحديثاً. وقد تناول الفصل الخامس مناهج علماء الغرب الحديث في دراسة الأديان، من خلال تحليل الملامح الأساسيّة لمقارباتهم الدراسيّة للدّين. واشتغل الفصل السادس بتحليل المفاهيم المعرفيّة والمنهجيّة لدراسة الأديان في المنظور القرآنيّة، عبر تحليل النصوص القرآنيّة التي لها صلة بمجال الأديان والمعتقدات؛ وأما الفصل السابع، فقد انبرى يناقش مناهج علماء المسلمين قديماً وحديثاً في دراسة الأديان، ويبرز إسهاماتهم المعرفيّة في هذا المجال وماهيّة المعالم المشتركة في مناهجهم لدراسة الدّين. كما تناول الفصل الأخير نماذج من مناهج علماء مقارنة الأديان في الفكر الإسلاميّ، ثم الخاتمة التي فيها خلاصة هذا البحث، والتّوصيات المتعلّقة بكيفيات تحسين هذا المجال ودراسته في المستقبل.
|
---|